تقرير: أمل عبد الحميد
الخرطوم 3 – 4 -2020 ( سونا)- تسأولات عديدة تدور حول مآلات الحرب التي يديرها العالم ضد جائحة كورونا والتي كشفت مواطن الضعف والقوة في الأنظمة الصحية لدول العالم كافة ورجحت تغيير موازين القوى في العالم … من سيتولى قيادة العالم ؟ هل ستغيب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي من المشهد السياسي العالمي عقب فشلهما في محاصرة الوباء؟ وهل تصعد الصين عقب نجاحها في السيطرة على الجائحة ومد يد العون للآخرين في ظل نهوض الاقتصاد الصيني الصاعد بقوة ؟.
منذ إعلان منظمة الصحة العالمية لجائحة كورونا وتفشي الفايروس بدأت التوقعات لما بعد إنحسار الجائحة وأعتبرها العلماء والمفكرون حول العالم حدث عالمي ومفصلي له ما بعده من العواقب وتوقعوا تحول السلطة والنفوذ من الغرب إلى الشرق مدللين على ذلك باستجابة دول شرقية لمواجهة الوباء مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة
أكد المراقبون أن تعاطي الصين مع الجائحة كان جيدا بالرغم من تعثرها في البداية عند اكتشاف انتشار الفايروس وأجمع بعضهم على تراجع العولمة الاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة التي طبعت أوائل القرن الحادي والعشرين ورجحوا ظهور نظام عالمي جديد إن لم يكن بقيادة الصين ففي الغالب أن يكون بمشاركتها وغيرها من القوى الصاعدة بعد أن ظلت مقاليد النظام الدولي في أيدي الولايات المتحدة الأمريكية عقب انهيار الاتحاد السوفيتي في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.
خبير التخطيط الاستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور سليمان عبد الكريم جدو وصف جائحة كورونا بانها أكبر كارثة يواجهها العالم في هذا القرن حيث تخطت الوصف بأنها أزمة صحية لتصبح أزمة أقتصادية واجتماعية وسياسية
واضاف دكتور سليمان أنها شكلت صدمة للتغيير بشكل محدد للتحالفات الجيوسياسية وأن الدول الأوربية ستجد نفسها أكثر هشاشة مما كانت عليه في ظل أزمة وباء الانفلونزا في 1918 لاختلاف المعادلة آنذاك حيث لم يشهد نظام العولمة تراجعا لتماسك دول التحالف ولأنها كانت في وضع أفضل مما هي عليه حاليا
واشار الى ان العلاقة بين الصين والولايات المتحدة ستكون أكثر حدة للانفتاح الذي تسعى إليه الصين وللانغلاق الأمريكي الذي تضطر إلى إتخاذه كوسيلة لانعاش اقتصادها عقب انتكاسه جراء الأزمة.
واكد سليمان أن أزمة كورونا ستؤدي لتحول معظم الحكومات للتركيز على ما يحدث داخل حدودها بدلا عن سياسة العولمة والالتزام بالمشكلات الإقليمية أو العالمية لإعادة بناء أوطانها من الداخل للتصدي لأزمات الداخل التي قد تحدث لاحقا مبينا أن التعافي من مسببات الأزمة سيأخذ وقتا طويلا لدول الغرب والولايات المتحدة لافتا إلى أن الدخل القومي الأمريكي يأتي نتاج ضرائب الأفراد والشركات الخاصة التي توقفت عن العمل مما يلقي بظلاله على القدرة الإنتاجية للاقتصاد القومي الأمريكي وبالتالي انخفاض الدخل القومي ويعكس هذه الحقيقة طلب حاكم نيويورك للدعم الفيدرالي لمواجهة كورونا مؤكدا عدم تأثر الدخل القومي للصين الذي يأتي من الشركات الكبرى التي تمتلكها الدولة وبحكم سيطرتها على الأزمة فهي قادرة على مزاولة أعمالها دون تأثير يذكر .
واكد الدكتور سليمان أن جائحة كورونا كشفت للعالم عدم كفاءة الولايات المتحدة لقيادة الدول الرائدة وأن الصين ودول شرق آسيا ليست أكثر قدرة ولكن لسرعة الاستجابة وتهاون الغرب وأمريكا مما خلق أرتباكا بينما تعاملت الصين بصورة جادة مكنتها من التعافي في زمن قياسي والسيطرة على الأزمة و قال ان ذلك قمين بإظهار انتكاس الديمقراطية والرعاية الصحية الشاملة بدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار إلى حاجة الولايات المتحدة لاستراتيجية جديدة لقيادة العالم بإيجاد شريك لتحمل المسؤولية عقب الأزمة ووفقا لأعلان ترامب في العام 2017 عن حماية الأمن القومي الأمريكي في أعقاب التطور التكنولوجي والتقني والإشعاع والمخاطر الدولية مما يعني ان امريكا قد لا تستطيع تحمل عواقبها لوحدها مشيرا إلى أنه يستبعد أن تكون هذه الدولة الصين لافتا إلى أن الولايات المتحدة تفضل أن تؤدي هذا الدور الهند التي أصبح لها دور ريادي وقيادي لدول جنوب آسيا و أتضح جليا خلال المبادرة الإقليمية التي قادتها لدول آسيا لمواجهة فايروس كورونا.
وفيما يخص الشعور التضامني العالمي أو الانقسام العالمي بعد انجلاء الجائحة قالت الاقتصادية الدكتورة ماجدة مصطفى صادق ليس هناك شئ مؤكد، إلا أنه من المتوقع انهيارالاتحادات الكبرى وأن تصبح الصين الدولة العظمى فيما يخص مقدرتها السريعة مقارنة بكل دول العالم على تجاوز الأزمة ورفع النمو الاقتصادى في وقت يسير وتوقع دخولها وبقوة سوق الاستثمارات الضخمة فى أوروبا بالأخص فى مجال الصناعة الطبية.
الباحث والأكاديمي محمد أحمد الأمين قال إن جائحة كورونا كانت سببا في كشف نقاط الضعف وأظهرت القصور للنموذج الحالي للعولمة.
وأشار إلى استفادة الصين من ثغرات الحكومة الأمريكية في التصدي لفايروس كورونا لتنصب نفسها في قيادة العالم لمواجهة الفايروس ولترسم بذلك خارطة طريق للسيطرة على العالم
وأضاف ان كورونا ستتسبب في اعادة تشكيل النظام العالمي على المدى الطويل وبأن البداية ستكون بالتغيير الجيوسياسي للولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب الفشل في استجابتها الأولية للجائحة وبالتالي زعزعت ثقة الشعب الأمريكي بمؤسسات الحكم وكشفت عجز أمريكا لقيادة العالم.